سياسيون وخبراء: السياسة الخارجية وقضايا الشرق الأوسط هامشية في تأثيرها على الانتخابات الأمريكية
استضافت الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالأمس الجلسة الأولى من سلسلة المائدة المستديرة الإعلامية “وراء الأحداث” لهذا العام، بعنوان “رئيس أمريكا القادم: ماذا يعني ذلك بالنسبة للشرق الأوسط وأفريقيا ومستقبل المنطقة”.
انضم خبراء من هيئة التدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة إلى المناقشة لتحليل تأثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على الشرق الأوسط وأفريقيا. كما ناقشوا تأثيرها على الحرب المستمرة في المنطقة والاستقرار والتغيرات الجيوسياسية لاستقراء المستقبل.
حضر اللقاء د. بهجت القرني مدير منتدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، ود. شون لي، أستاذ مساعد في العلوم السياسية، والسفير كريم حجاج، أستاذ الممارسة في كلية الشؤون الدولية والسياسة العامة، ود. مارك ديتس، الأستاذ المساعد ومدير مركز الأمير الوليد للدراسات الأمريكية، فيما أدارت الندوة راندا أبو العزم، مديرة قناة العربية بالقاهرة.
في البداية، اتفق المتحدثون على أن السياسة الأمريكية في دعم إسرائيل في حروبها في الشرق الأوسط ستخلق جيلا من المنتقمين والمتطرفين ضد كل ما هو أمريكي، وستؤدي إلى ظهور جيل جديد سيعود يوما ما إلى السلطة لينتقم. على من كان سببا في تدميرها
ورأى المتحدثون أنه لن يحدث فرقا كبيرا في السياسة الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط إذا فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، لأن دعم إسرائيل يقع في قلب السياسة الأمريكية. ينبع من الكونغرس، صانع السياسات المركزي والمسؤول عن التمويل، بفضل هيمنة اللوبي اليهودي الذي يمتد بالفعل داخل أروقته.
وتناولت الجلسة العديد من التساؤلات المطروحة حاليا في ظل عدم اليقين بشأن مستقبل الصراعات في الشرق الأوسط وتداعيات تعامل الإدارة الأمريكية المقبلة مع الحربين الدائرتين في الشرق الأوسط في غزة ولبنان، والحديث عن إعادة هيكلة واحدة. منطقة الشرق الأوسط في ظل مساعي المخطط الأمريكي لتحويل إسرائيل إلى قوة عظمى في المنطقة، وهو ما دفع الدولة المصرية إلى اتخاذ خطوات من شأنها أن تحول دون تحقيق هذه الخطة.
– القرني: تأثير كتلة “أصوات عربية” بسيط
دكتور. أكد بهجت القرني، مدير منتدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن تأثير الكتلة التصويتية العربية في الولايات المتحدة الأمريكية ضئيل وأنه إذا أحدث فرقاً فإنه سيحدث ويفترض الفارق أن الفارق في حصص الأصوات بين ترامب وهاريس سيكون ضئيلا للغاية، لصالح فوز أحدهما على الآخر.
وأوضح القرني أن تأثير السياسة الخارجية الأمريكية على الانتخابات الأمريكية هامشي، وافترض أن الأمريكيين من أصل أفريقي واللاتينيين السود والنساء هم من سيحدثون فرقًا في جمهور الناخبين.
وتحدث القرني عن القضية الفلسطينية، مؤكدا رفض مصر القاطع لأي تواجد إسرائيلي على محور “فيلادلفيا” أو أي تدخل إسرائيلي في قطاع غزة ضد الفلسطينيين أو تصفيتهم.
وسلط الضوء على تحركات الدولة المصرية مدفوعة بإدراكها لهذا الخطر الذي يشكله التقارب بين قوتين في المنطقة، تركيا وإيران.
وقد أظهر القرني ذلك من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى مصر، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ 14 عامًا تقريبًا، وكذلك من خلال المحادثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ونظيره التركي. رجب طيب أردوغان، بعد فترة من التوتر في العلاقات بين البلدين.
وأشار القرني إلى أن مصر والعديد من دول المنطقة ترى مساعي إسرائيل لفرض السيطرة العسكرية، حيث تبادر إلى اتخاذ خطوات تحول دون تحقيق هذه الخطة، كما تشكل مجموعة عربية لتنفيذها لمواجهة الطموحات الإسرائيلية لمواجهة اثنتين غير – الدول العربية في المنطقة تركيا وإيران.
وفيما يتعلق بقدرة إسرائيل على التحول إلى قوة عظمى، أكد القرني أن ذلك يتطلب منها تحويل القوة العسكرية إلى قوة سياسية ثم البدء في فرض سياساتها، لافتا إلى أنه لا يوجد دليل أوضح على فشل إسرائيل في هذا الصدد من التهديد القادم من تل أبيب. وعندما منعه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من دخول إسرائيل، قرر الكنيست وقف عمل منظمة الإغاثة الأونروا، التي تجعلهم دائما الخاسر في حربهم.
وتحدث القرني عن مستقبل الشرق الأوسط عندما يعود ترامب إلى البيت الأبيض، مؤكدا أنه لن يواجه أي مشكلة في توسيع خيارات التعاون العسكري في حالة نشوب صراعات أو تهديدات في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، أشار القرني إلى أن ترامب مع ذلك رجل تهيمن عليه عقلية رجل الأعمال، وأنه لذلك سيطالب بالحساب على هذا التدخل الذي قام به مع السعودية بعد الهجمات على مصافي النفط في أرامكو، ودعا بالنسبة لمشروع قانون حماية المنشآت النفطية، وهو ما يفعله مع حلف شمال الأطلسي، لأنه يلزم الدول الأعضاء فيه بدفع 2% من ميزانية الدفاع لكل دولة.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أن سياسة إدارته تجاه الشرق الأوسط ستكون سيئة إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض وتابع: ترامب رجل أعمال، ليس لديه مبادئ، وأصبحنا غير قادرين على ذلك للتنبؤ بسلوكه
وأشار القرني إلى أن ترامب أبرم خلال ولايته السابقة اتفاقيات إبراهيم واعترف بضم الاحتلال للجولان، لافتا إلى أن الحكومة الأمريكية لم تكن أبدا ضد إسرائيل خلال فترة حكمه.
حجاج: الحرب بين غزة ولبنان لن تكون أولوية
من جانبه، قال السفير كريم حجاج الأستاذ الممارس في كلية الشؤون الدولية والسياسة العامة، إن الأسس الحاكمة للعلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة لا تقوم فقط على فكرة التبعية، بل على الرؤية الأمريكية أن إسرائيل هي عمل الولايات المتحدة في المنطقة، مثل قتال حماس وحزب الله ضد إيران ومنع نمو نفوذها في الشرق الأوسط.
وتوقع حجاج خلال الجلسة أن موضوع الحرب على غزة ولبنان والصراع المتصاعد في الشرق الأوسط لن يكون أولوية لدى أي إدارة أميركية جديدة مباشرة بعد تولي المسؤولية، سواء ترامب أو هاريس.
وشدد حجاج على أن أي إدارة أميركية جديدة ستؤجل النظر في مسألة الحرب في الشرق الأوسط إلى ما بعد فترة الاستقرار الأولية، أي حتى 20 كانون الثاني/يناير المقبل، وتعيين الفرق الرئيسية للإدارة الجديدة في البيت الأبيض وأجهزة الأمن القومي.
لذلك توقع حجاج أن يستغل نتنياهو الوضع الحالي في هذا الوقت لخلق أمر واقع في المنطقة ووضع الحكومة الحالية في موقف حرج، فضلا عن فرض أمر واقع على الحكومة الأمريكية الجديدة سواء كانت لترامب أو هاريس.
وأكد حجاج أن الموقف الإسرائيلي من غزة يهدف إلى إعادة احتلال القطاع، مشيرًا إلى أن ذلك يتناقض مع الموقف المعلن للحكومة الأمريكية والذي يتلخص في الآتي: “لا للطرد، لا لإعادة الاحتلال”. غزة، “لا لفصل أجزاء من قطاع غزة لضمها إلى إسرائيل، ولا للتوطين”.
وتابع حجاج أنها رؤية أن نرى ترامب الشخص القوي والقدير والحاسم الوحيد الذي يستطيع إنهاء الحرب، مقابل رئيس يناضل بكل سهولة وضعف وتقاعس، وتلك رؤية واحدة في ضوء فترته السابقة. في الحكومة.
وأضاف حجاج أن ترامب شخص قوي ويستطيع أن يقرر وينفذ الكثير من القضايا فعليا. ومع ذلك، فإن قدرته على إنهاء الحرب كانت متوقعة بالنظر إلى فترة حكمه السابقة، حيث حاول بوعي عقد صفقات مستقلة عن أي مهارة دبلوماسية من شأنها أن تقوده إلى النجاح المنشود.
وأوضح أن ترامب قد يتمكن من الضغط على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من أجل الفوز بالصفقة. لكن هذا لا يعني أنه يستطيع إجباره على إنهاء الحرب، مشددا على أن ترامب أكثر ميلا إلى المتطرفين، حيث نجح اليمين المتطرف بالفعل في جذبه ولذا فهو يميل إلى المهنة لممارستها.
وفيما يتعلق بدور الكونجرس والرأي العام الأمريكي، أوضح السفير كريم حجاج موقف الكونجرس من دعم إسرائيل، لكنه لفت الانتباه إلى تزايد المقاومة الداخلية، خاصة بين طلاب الجامعات الأمريكية، لاستمرار الدعم لإسرائيل.
-مارك: لن يكون هناك فرق بين سياسات هاريس وترامب
دكتور. من جانبه، أكد مارك ديتس الأستاذ المساعد ومدير مركز الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود للدراسات الأمريكية، أن الحروب في غزة ولبنان، وكذلك السياسة الخارجية، ليس لها تأثير على عملية التصويت في أمريكا. انتخابات.
ومع ذلك، أكد ديتس أن الإدارة الأمريكية الحالية أو المستقبلية يمكنها إنهاء الحرب في غزة ولبنان إذا أوقفت دعمها العسكري وإمدادات الأسلحة والذخيرة لإسرائيل.
وأشار إلى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تمكنت من اكتساب المزيد والمزيد من القوة والهيمنة، وبالتالي، إذا أرادت واشنطن وقف إطلاق النار، فسيتعين عليها التوقف عن تزويد إسرائيل بالسلاح، مؤكدا أنه ليس من الحرب ضد إسرائيل أن تقود إيران.
وفيما يتعلق بمستقبل الحرب في غزة في حال فوز ترامب أو هاريس، قال ديتس إنه في حال وصول ترامب إلى البيت الأبيض، فإنه سيلجأ إلى ما يمكن وصفه بـ”الفصل العنصري” في غزة لصالح إسرائيل، ومن المرجح أن يلجأ هاريس إلى صراعين. -حل الدولة.
وفيما يتعلق بإفريقيا، أكد ديتس أنه لن يكون هناك اختلاف بين سياسات هاريس وترامب فيما يتعلق بما يحدث في السودان، فالمواطنون الأمريكيون لن يفكروا في القضايا الأفريقية بل سيركزون على قضايا أخرى، مؤكدا أن السياسة الخارجية الأمريكية لن تهم إلا نفسها مع أفريقيا إذا زاد النفوذ الصيني والروسي هناك.
وفيما يتعلق باحتمال نفوذ إسرائيل كقوة إقليمية، أشار ديتس إلى تعزيز مكانة إسرائيل العسكرية وتأثيرها على ديناميكيات القوى الإقليمية في الشرق الأوسط.
-شون لي: الضغط على جدوى الإنفاق على الحروب في الشرق الأوسط
في هذه الأثناء، د. وقال شون لي، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية، إن الرأي العام في الولايات المتحدة بدأ يمارس ضغوطا على الحكومة الأميركية بشأن جدوى الإفراط في الإنفاق على الحروب في الشرق الأوسط.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن مفاوضات تبادل الرهائن أو وقف إطلاق النار أصبحت من المواضيع المؤجلة ويتم التركيز الآن على احتواء التصعيد بين إيران وإسرائيل.
وفيما يتعلق بالحرب والصراع في الشرق الأوسط الذي امتد من غزة إلى لبنان، أكد شون أن نهاية الحرب في لبنان ليست قريبة، مستشهدا باغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما. أيام.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن إسرائيل تريد الآن وتحاول إعادة احتلال جنوب لبنان وإدخال الوصول غير المقيد إلى المجال الجوي اللبناني.
لكن شوين شدد على أن السياسة الأمريكية في ظل إدارة بايدن تؤكد مرارا وتكرارا على التزام الولايات المتحدة بمنع التوسع الإسرائيلي في غزة، مع التركيز على إدارة مخاطر التصعيد مع إيران.