فن وثقافة

من مهرجان ميدفيست.. كيف عالجت السينما مشاعر الملل ووجدت لها حلولا؟

ضمن فعاليات مهرجان ميدفيست أقيمت في دورته السادسة حلقة نقاشية بعنوان “بث: بحثا عن سيد مرزوق” أدارها أحمد أبو الوفا استشاري الصحة النفسية، حول موضوع الملل وكيفيه يحدث أن تم عرضه في السينما المصرية.

فكرة البودكاست ولدت من وجهة نظر أبو الوفا ود. طلال فيصل أن الفن يسبق العلم في تقديم موضوع معين، ثم يقدم العلم تعريفا تربويا ومنهجا منهجيا لفهمه. على سبيل المثال، لا يمكن تحليل الاكتئاب وفهم تفاصيله، كما حدث عندما كتب نجيب محفوظ رواية الشحات، أو فلسفة الموت مثل فيلم السقا مات.

وأوضح أبو الوفا: “نحاول أن نشير إلى أن الفن يصف ما هو موجود في العلم، وخاصة الصحة النفسية، بطرق مختلفة وأحياناً عن غير قصد. على سبيل المثال، تعتبر شخصية سبعاوي طه التي ظهرت في فيلم عائلة زيزي لفؤاد المهندس حالة من حالات التوحد من الناحية العلمية. نحن نركز على التحليل النفسي لشخصيات الفيلم التي ربما لم يكن المؤلف ينوي كتابتها بهذه الطريقة.

أما اختيار «حرب الفراولة» كأول فيلم يتم مناقشته في بودكاست «البحث عن سيد مرزوق»، فهو من أبرز الأعمال السينمائية التي تتناول مشكلة ملل الإنسان الناتج عن «حرب الفراولة». “جسدها الفنان الراحل سامي العدل.

فيلم حرب الفراولة عام 1994 من إنتاج وتأليف وإخراج خيري بشارة. القصة لمدحت العدل مع سامي العدل ويسرا ومحمود حميدة. تدور الأحداث حول شخص ثري يلعب دوره سامي العدل، يشعر بالملل ويقرر الذهاب في رحلة بحثًا عن سعادته مع شخص مختلف تمامًا، وهو بائع الفاكهة المتجول، الذي يلعب دوره محمود حميدة، والذي يكسر العديد من القواعد ليتمكن من الحصول على تحقيق الشعور بالسعادة.

وأوضح أبو الوفا في البداية بالحديث عن مفهوم الملل بشكل علمي: “الناس تعتقد أن الملل شعور مؤقت وغير مهم، وسننساه مع الوقت، ولكنه في الحقيقة شعور”. شعور يتغلغل في كل الناس بلا استثناء وليس عابراً. ومع ذلك، فإن فكرة الملل لم يتم تناولها إلا نادرا نظرا لخطورة الموضوع بالنسبة للسينما والتناقض بين الموضوعين: السينما في الأساس عمل ترفيهي، فكيف يمكن التعبير عن الملل عندما يكون الفيلم قادراً على إثارة مشاعر سلبية لدى الجمهور مشاهد؟

وأضاف: «الفيلم قدم لنا موضوع الملل بلا اسم، بل وأطلق عليه رحلة البحث عن السعادة، وهو ما عبر عنه سامي العدل في الشخصية التي قدمها». وهنا يتدخل العلم ليصف الشكل “الحالة التي يمكن وصفها بالمعاناة من الملل الوجودي، أي فقدان الإنسانية للمحفزات التي بداخلها وفقدان المعنى”.

ووصف أبو الوفا الشعور بالملل بأنه مزعج للغاية، لكنه يمكن أن يكون له جانب إيجابي أيضا، مثل تحفيز الإنسان على اتخاذ قرارات مصيرية، أو حل أمور عالقة، أو الدخول في تجربة جديدة.

وذكر أبو الوفا بعض الأفلام الأخرى التي تناولت نفس الموضوع ولكن بطرق مختلفة، مثل فيلم “لماذا يضحك البحر”، والذي عانى فيه البطل محمود عبد العزيز من الملل في العمل، وأنا في النهاية، قرر التحول إلى العمل في الشوارع مع فرق من التجار المتجولين. وهناك فيلم “رحل ولم يعد” والذي عانى فيه البطل من الملل بسبب عدم التغيير في حياته وركودها وقرر البقاء في القرية والتوقف عن التفكير في الوقت. وهناك أيضاً فيلم “المنسيون” الذي عانى فيه البطل من الملل الناتج عن خيبة الأمل.

لكن المفاجأة، كما وصفها أبو الوفا، هي أن الملل غالبا ما يكون شعورا بديلا لشعور آخر خفي. فمثلا في فيلم حرب الفراولة كان الشعور بالملل بديلا للحزن لأن الشخصية لم تتحمل الانفصال عن ابنها الذي كان يمثل لها كل المعنى، وفقد معناه بوفاته. وكذلك تحول الشعور بالإحباط الجنسي في فيلم الراعي والمرأة إلى ملل، والشعور بالغضب في فيلم الرجل المنسي، والشعور باليأس في فيلم خرج ولم يفعل. يعود.”

واختتمت الجلسة النقاشية بسلسلة من الأسئلة التفاعلية حول التعامل مع هذا الشعور واستكشاف الشعور الحقيقي الكامن وراءه، بالإضافة إلى أسئلة أخرى حول العلاقات الرومانسية والصداقة وفهم سياق الملل الذي يمكن أن يؤثر عليه.

ويستمر مهرجان ميدفيست حتى يوم الأحد 15 سبتمبر، ويعرض 32 فيلما، منها 17 فيلما في المسابقة الرسمية التي تنقسم إلى ثلاث جوائز: جائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل فيلم مصري، وجائزة الجمهور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى