العرب

“صفقة القرن”.. ملف معلق في رقبة دونالد ترامب منذ 2020

«اتفاق السلام في الشرق الأوسط» و«صفقة القرن» و«السلام من أجل الازدهار» كلها عناوين براقة لمشروع أراد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلاله إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي في ولايته الأولى في منصبه.

وظهر مشروع “صفقة القرن” بعد حوالي عامين ونصف من تولي ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وكان مهندس المشروع مستشاره الخاص وصهره جاريد كوشنر، وقام بالعديد من الرحلات المكوكية إلى معظم العواصم العربية لعرض فكرة المشروع على صناع القرار.

وفي 29 يناير 2020، كشفت إدارة ترامب لأول مرة عن تفاصيل اتفاق السلام الذي يتكون من 181 وثيقة تتضمن مقترحات لحل الدولتين الفلسطينية الإسرائيلية بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي لفلسطين وسكانها.

وقال محللون إن ترامب كان مهتما بمشروع السلام بقدر اهتمامه بمشاريع المقاولات والتطوير العقاري. وركز على الأموال التي سيحصل عليها الفلسطينيون والممولون وعلى سبل ربط المدن والقرى التي ستصبح في نهاية المطاف دولة فلسطين بالأنفاق والجسور وغيرها.

لكن المشروع لم يكتمل بسبب خروج ترامب من البيت الأبيض نهاية عام 2020. باستثناء أن إسرائيل تسيطر على كل شيء تقريباً في الاقتراح مع ترك بعض الفتات للدولة الفلسطينية المستقبلية، وهي الدولة التي يعتقد “العم سام” أنها يجب أن تظل منزوعة السلاح ومعتمدة اقتصادياً على الدولة العبرية.

وحتى اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم لم يُعرض عليهم سوى خيار واحد من ثلاثة خيارات في إطار المشروع الأمريكي: إما العودة إلى الدولة الجديدة، أو البقاء في بلدان الشتات، أو إدراجهم في قوائم اللجوء الجديدة للدول التي ترغب في قبولهم. كل هذا دون أن يكون لهم الحق في العودة إلى أراضيهم وبيوت أجدادهم التي سرقت منذ عام 1948 وحتى الوقت الحاضر.

صورة 1 القرن

مع عودته إلى البيت الأبيض رئيسا بعد أربع سنوات، كثيرا ما يدور الحديث عن محاولة دونالد ترامب في ولايته الثانية إحياء بعض القضايا العالقة التي فشل في القيام بها في ولايته الأولى.

وتقول المحللة الأميركية وخبيرة العلاقات الدولية إيرينا توسكر، إن خطوات ترامب الأولى في التعامل مع هذه القضايا ستكون تكتيكية أكثر منها استراتيجية، إذ يتناول القضايا الراهنة المحيطة بالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وعلاقتها بالسلطة الفلسطينية وستتعامل معها حركة حماس. الحركة قبل السعي لإقامة الدولة الفلسطينية.

وأضاف توسكر في تصريح لايجي برس أن العودة إلى صفقة القرن لن تكون سهلة في ظل الحرب المستمرة في غزة ولبنان، رغم أن طلب ترامب إنهاء ذلك الصراع قبل السيطرة رسميا على البلاد غير ممكن على أرض الواقع.

ورجح المحلل الأمريكي أن تسعى إدارة ترامب الجديدة إلى توسيع ورقة الاتفاق الإبراهيمي لتشمل دولا عربية جديدة تلتزم بسلام حقيقي مع إسرائيل قبل النظر في إنشاء دولة فلسطينية.

ورأت مجلة السلام الأمريكية أن الفلسطينيين سعداء بتسمية الجانب الإسرائيلي لغزة وأجزاء من الضفة الغربية دون الحديث عن تقسيم القدس، حيث ستبقى موحدة تحت السيادة الإسرائيلية إذا أراد الفلسطينيون بناء العاصمة، كما أطلقوا عليها. “القدس”، فليكن، لكنها لن تكون القدس اليوم.

صورة 2 القرن

ونصت خريطة ترامب-كوشنر-نتنياهو، المنشورة على موقع البيت الأبيض على الإنترنت في أوائل عام 2020، على أنه بموجب الخطة، سيحتفظ الأردن بسلطة إدارة المسجد الأقصى في القدس، بينما ستواصل إسرائيل السيطرة على المقدس لحماية المواقع في القدس. وضمان الحرية الدينية للمسلمين والمسيحيين واليهود وغيرهم من الديانات.

وتكرر إيرينا توسكر أن الوضع الحالي لا يشير إلى إمكانية إحياء “صفقة القرن”، موضحة أن استمرار نفوذ حركة حماس داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها، مستشهدة بوجود قيادات الحركة في العاصمة القطرية. الدوحة ستمنع أي فكرة لحل الدولتين.

لقد افترضت أن ترامب سيحاول أولاً تحييد حركة حماس قبل إعادة الصفقة التي تتم مرة واحدة كل قرن إلى طاولة المجتمع الدولي. ويمكن القيام بذلك من خلال الضغط على قطر لطرد قادة حماس ووقف التمويل المالي واللوجستي لجميع حركات حماس في الدولة التي تدعمها.

وأشارت إلى عدد من العقبات الأخرى التي يمكن أن تحول دون تنفيذ اتفاق السلام الذي أبرمته إدارة ترامب قبل سنوات. أكبر العقبات هي البحث عن بديل لسلطة الرئيس محمود عباس ومدى قبول أهل غزة للسلطة الجديدة. علاوة على ذلك، لن يكون هناك أي اتفاق حتى تقدم أمريكا ضمانات أمنية للدول العربية، وتوافق الصين وروسيا على هذه الصفقة.

صورة 3 القرن

وفي هذا السياق قال د. أكد مصطفى الفقي، الدبلوماسي السابق، أن دونالد ترامب سيسعى جاهدا لتحقيق ما عجز عن تحقيقه في ولايته الأولى كرئيس وأن ملف الشرق الأوسط سيكون على طاولته، خاصة أنه يعلم ذلك بعد أن عمل كرجل أعمال ومطور عقاري، فهو يعرف هذه المنطقة جيدًا.

ودعا الفقي في تصريح متلفز إلى عدم المبالغة في التفاؤل بشأن إحلال السلام وإنهاء الصراعات الدائرة بشكل فوري بعد فوز ترامب، قائلا إنه لا يملك مفاتيح للحلول إلا بعض العدالة، وهو ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية. لا أعرف.

وأكد أنه على الرغم من محاولة المسؤولين الأمريكيين إظهار الحياد في التعامل مع القضية الفلسطينية الإسرائيلية، إلا أن الواقع هو أن جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين والحاضرين والمستقبليين يقفون بالكامل إلى جانب إسرائيل.

وتعبر كلمة الفقي عن اختيارات دونالد ترامب لأعضاء إدارته الجديدة، الذين يحمل معظمهم أيديولوجية تدعم دولة إسرائيل بشكل كامل. ولعل أبرزهم هو مايك هاكابي، المرشح لمنصب السفير الأمريكي لدى إسرائيل، الذي قال قبل أيام إن الرئيس ترامب سيدعم سيطرة إسرائيل السيادية على الضفة الغربية.

صورة 4 القرن

وفي حوار مع “ايجي برس”، قال د. وقال حسن مرهج، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، إن المنطقة تواجه مع عودة ترامب جملة من التحديات، أهمها الصراع بين حماس وإسرائيل، بين حزب الله وإسرائيل، وأهمها الصراع الإيراني. الصراع الإسرائيلي.

وأضاف مرهج أن ترامب وعد “بدعم حق إسرائيل في كسب حربها ضد الإرهاب”. وشدد ترامب أيضًا على أن إسرائيل يجب أن تنتصر سريعًا مهما حدث، وانتقد نهج الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس هاريس تجاه الحرب بين إسرائيل وحماس ووصفه بالضعيف والمتردد.

وعن مدى قدرة ترامب على إحياء مشروع صفقة القرن، قال د. وقال مرهج إنه لا توجد إجابة مؤكدة، لكن هناك بعض المؤشرات التي يمكن الاستناد إليها في بلورة رؤية لمستقبل المشهد الفلسطيني خلال رئاسة ترامب. لذلك، قد يتوقع البعض تغيرا كبيرا في مواقف ترامب من القضية الفلسطينية.

وتحدث مرهج عن تعامل ترامب مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال ولايته الأولى، قائلاً: “عندما طرح ترامب صفقة القرن، اعتبرها الجانب الفلسطيني ظلماً أميركياً ودولياً للقضية الفلسطينية وخدمة جليلة للقضية الفلسطينية”. الجانب الإسرائيلي عندما نقل ترامب السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، أغلق المكتب الدبلوماسي للسلطة الفلسطينية في واشنطن والقنصلية الأمريكية في قلعة القدس الشرقية.

صورلاة 5 القرن

وتابع أن ترامب ركز بنجاح على مسألة التطبيع العربي الإسرائيلي وأبرم الاتفاقات الإبراهيمية التي أدت إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وأربع دول عربية. كما تضمنت صفقة القرن التي طرحها ترامب المطالبة بإقامة دولة فلسطينية مماثلة في الحجم لأراضي ما قبل عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة.

واختتم مرهج حديثه بالتأكيد على أنه في الوقت الذي سيسعى فيه ترامب إلى تقديم نفسه كصانع للسلام، فإن الظروف الإقليمية على الأرض والسياسة الأمريكية المستمرة في دعم إسرائيل وأمنها بلا حدود يمكن أن تعيق أي حل جذري ودائم.

كانت محاولة دونالد ترامب لإحلال السلام بين إسرائيل وفلسطين قبل حوالي 31 عامًا هي الرئيس بيل كلينتون، الذي نجح نظريًا في تأمين اتفاقيات أوسلو للسلام. وصافح العدوان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين الذي اغتيل على يد شخص ما بعد فترة وجيزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى