طاهر النونو القيادي بحماس لـ«الشروق»: نتوافق مع القاهرة على صيغة لإدارة غزة ورفض تواجد الاحتلال بمحور فيلادلفيا
ولم يطلب منا نشر قوات عربية على الحدود.. وسيظل الشريط الحدودي مصريا فلسطينيا
لقد قطعنا شوطا طويلا مع فتح في مجال إدارة قطاع غزة.. والواقع الداخلي يصوغه الفلسطينيون بمساعدة مصر.
ولم تضغط القاهرة والدوحة على حماس لقبول التصورات التي ترفضها
أي هيئة أو جهة تدير غزة ستكون مع الإجماع الفلسطيني.. ولا حديث عن حصرية «حماس» أو «فتح».
لا تبادل للأسرى دون اتفاق مسبق على وقف دائم لإطلاق النار
المقترحات الهادئة المقدمة للحركة تتحدث عن وقف مؤقت لإطلاق النار
بعد السنوار، لا تواجه حماس أزمة قيادة. ونحن ننتظر الوقت المناسب لانتخاب قائد جديد للحركة
شهدت مسألة حل الوضع في قطاع غزة نشاطا متزايدا في الأيام الأخيرة، سواء على مستوى حل الخلافات الداخلية بين حركتي فتح وحماس، أو على مستوى بناء التوافق حول إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب. العدوان، وكذلك على مستوى وقف إطلاق النار ومفاوضات وقف إطلاق النار، بعد انطلاق جولة جديدة من المفاوضات برعاية مصر وقطر، ومباحثات وفدي التفاوض والوساطة، شارك خلالها وفد موسع من حركة حماس. وزارت الحركة القاهرة، والعديد منها منفتح لمناقشة النقاط المتعلقة بالتوافق مع فتح أو المشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار.
التقت «الشروق» طاهر النونو مستشار المكتب السياسي للحركة، الذي رافق الوفد، للتعرف على تفاصيل مباحثات القاهرة، وطبيعة عروض وقف إطلاق النار المقدمة مؤخرا، وموقف حماس من المفاهيم المطروحة.
و نص الحوار :
> إلى أين وصلت مباحثات وفد الحركة في القاهرة حول قضايا التهدئة والاتفاقات الداخلية مع حركة فتح؟
وفيما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار، فلا جديد في هذا الملف، إذ لا يزال الاحتلال يعاند ويرفض صيغة وقف إطلاق النار التي طرحها الوسطاء، وقد أعلنا موافقتنا عليها في 2 تموز/يوليو من العام الماضي، كما هو الحال مع الاحتلال هو حل مؤقت، والحلول المؤقتة بالنسبة لنا لا تلبي النقاط الأربع التي طرحتها الحركة. يتعلق الأمر بوقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وإعادة الإعمار ومن ثم تبادل الأسرى.
الطاقم يريد فقط اتفاق المقايضة، ونحن نتحدث عن وقف إطلاق النار، وبالتالي فإن الرؤيتين مختلفتان.
>هل ينطبق هذا على جميع المقترحات الأخيرة؟
لقد استمعنا إلى عدد من المقترحات، معظمها أو كلها تتحدث عن وضع مؤقت، وأي وضع مؤقت يعني بالنسبة لنا استمرار الحرب ويعطي للاحتلال الفرصة لاستئنافها في أي وقت. ولهذا نقول إن الصيغة التي اتفقنا عليها في تموز/يوليو الماضي مقبولة لدى حركة حماس.
ومن الواضح أن الاحتلال ينتظر نتائج الانتخابات الأمريكية، وبالتالي لن نخاطر بحياة ودماء الشعب الفلسطيني.
أما على الصعيد الفلسطيني الداخلي، ففي المباحثات الأخيرة في القاهرة، كانت هناك مبادرة من الأشقاء في مصر لتسوية الوضع الفلسطيني الداخلي، وخاصة في قطاع غزة، وكانت هناك العديد من المقترحات التي تمت مناقشتها بشكل إيجابي ومفيد. بطريقة منفتحة، ولكن لا يمكننا أن نقول إننا متفقون تماما على جميع القضايا. لكننا خطونا خطوة مهمة في المحادثات حول الإدارة الداخلية لقطاع غزة، وهناك نقاط تم توضيحها من خلال الاتفاقيات، لكنها بحاجة إلى استكمال، وعندما تكتمل هذه الصورة وتنضج يمكننا أن نواجه علناً الرأي بشأنه يتكلم حتى لا يفسد المفاوضات.
> هل يعني ذلك أن المبادرة المصرية التي أشرت إليها تتجاوز رفض إسرائيل أو رئيس حكومة الاحتلال، خاصة فيما يتعلق بوجود دور للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة وكذلك لحركة حماس؟
وقلنا إن مصطلح “اليوم التالي” كلمة لا وجود لها في قاموس حماس وفي قاموس الشعب الفلسطيني. نحن نتحدث عن واقع فلسطيني داخلي يصوغه الفلسطينيون بمساعدة مصر. هذه هي النقطة الأولى. النقطة الثانية هي أن هناك مبادئ تم الاتفاق عليها منذ اللحظة الأولى، والنقطة الأولى هي وحدة النظام السياسي الفلسطيني، والنقطة الثانية هي وحدة الجغرافيا الفلسطينية، أي؛ لن نعمل خارج إطار النظام السياسي الفلسطيني، ولا خارج إطار وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، ولن نبني نظاماً فلسطينياً جديداً. المبدأ الثالث هو الإجماع الوطني الفلسطيني الداخلي على كل خطوة، وهذه النقاط تقع في الإطار الذي سيتم ضمنه أي اتفاق. وفي المقابل فإن الاحتلال لا يريد وحدة النظام السياسي أو وحدة الجغرافيا، ولن نتصرف وفق مطالب الاحتلال بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني.
> دار حديث مؤخراً عن مقترحات لنشر قوات عربية في قطاع غزة. ما هو رأي الحركة في هذه المقترحات؟
نحن لا نتحدث عن أي قوات عربية أو دولية أو أممية، ولسنا بحاجة لأي قوات.
> هل هذا يعني أن حماس ترفض الفكرة إطلاقا؟
هذه الفكرة لم تكن مطروحة للنقاش في الفترة الماضية، ومن وجهة نظر الحركة، لن تكون مطروحة للنقاش.
> وماذا عن المبدأ العام؟ هل ترفض الحركة فكرة استخدام القوات مهما كان نوعها في غزة؟
أنا أتحدث عن المبدأ العام: نحن لسنا بحاجة إلى قوى من أي نوع، مع احترامنا لقواتنا العربية وكل الدول الإسلامية، يستطيع الشعب الفلسطيني أن يصل إلى التفاهم الداخلي ويقود نفسه.
> ومن ناحية أخرى هل تقبل الحركة إدارة المعابر الحدودية من قبل السلطة الفلسطينية في فترة ما بعد الحرب؟
الفترة المقبلة هي فترة إجماع وطني فلسطيني داخلي، وأي منظمة أو هيئة تدير قطاع غزة ستكون وفق المبادئ المذكورة سابقاً في الإجماع الفلسطيني، ما يعني أننا لا نتحدث عن التفرد لا من حماس ولا من حماس. من فتح أو من أي حزب آخر، نحن نتحدث عن تحرك وطني متفق عليه لقطع الطريق على الاحتلال وفرض قيادة أو قيادة بديلة لا يحظى بموافقة الشعب الفلسطيني.
> إلى أي مدى هناك توافق في الرؤية بين حماس ومصر حول ما يجري بشأن الحدود المشتركة مع غزة والمعبر الحدودي، بما في ذلك الحديث عن انتشار قوات عربية في ممر صلاح الدين؟
هناك إجماع مصري فلسطيني على رفض أي وجود للاحتلال، وهناك أيضا إجماع على إيجاد حل فلسطيني للواقع الراهن في غزة. كما أن هناك إجماعاً على رفض الطرد، وفيما يتعلق بموضوع القوات العربية، فإن مصر لم ترفعه إلينا بأي شكل من الأشكال، ونعتقد أنه لا داعي لذلك. ستكون هناك قوى عربية بيننا وبين مصر. لماذا نحتاج إلى قوى عربية أخرى بيننا؟ مصر؟ الحدود هي الحدود المصرية الفلسطينية وستبقى وشكل هذه الحدود لن يتغير. هذه هي الحدود التي كانت وستظل فلسطينية مصرية.
> ومع استمرار إغلاق معبر رفح الحدودي واحتلال إسرائيل لمعبر فيلادلفيا الحدودي، أعلنت مصر موقفا صارما بعدم تشغيل المعبر الحدودي تحت الإدارة الإسرائيلية، ودعت إلى انسحاب جيش الاحتلال من المعبر الحدودي هذه الآلية إذا قامت الإدارة الفلسطينية بتنفيذ المعبر الحدودي تحت إشراف دولي؟
نحن معنيون بانسحاب الاحتلال وتشغيل المعبر الحدودي، وكما قلت، نحترم أي إجماع فلسطيني داخلي.
> هناك تصريح مصري صدر مؤخرا بعد اللقاءات بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، يقول إنه تم الاتفاق على لجنة اسمها “الدعم المجتمعي”. فهل تم الإعلان عن هذه اللجنة مع فتح وحماس أم أنها ستتكون من شخصيات تكنوقراط؟
– ليس بالضرورة الاسم، لأننا نتحدث عن أي خطوة لإدارة القطاع، بغض النظر عن اسمها: سلطة أو حكومة أو لجنة. سيكون متوافقاً مع الإجماع الوطني، وحتى هذه اللحظة لم يتم ذكر أي أسماء للأمام، وما تحدثنا عنه كان مبادئ، ولم نطالب في أي وقت من الأوقات بحضور أبناء حماس في أي شكل من أشكال الإدارة، رغم أننا نفضل دائما أن تكون الخيارات في إطار منظمة التحرير وحكومة الوفاق الوطني.
> هل يمكن تقييم الوضع الحالي للاتصالات مع مصر؟
– التواصل مع مصر وقطر يحدث بشكل شبه يومي، سواء على مستوى وقف إطلاق النار أو على مستوى الشؤون الداخلية وتسوية الداخل الفلسطيني، لأننا في حالة حرب، بالإضافة إلى جزء آخر هو معها ولا بد من العون والمساعدة، فالتواصل اليومي مع القيادة المصرية مطلوب.
> هناك تقارير تتحدث عن مطالب أمريكية من مصر وقطر للضغط على الحركة لتحقيق التهدئة قبل الانتخابات الأمريكية. فهل مارس الوسطاء ضغوطا على الحركة؟
ولم يطلب أحد من حماس الموافقة على شيء لا تقبله، والأخوة في مصر وقطر يقودون الوساطة ويلعبون دورهم كوسطاء، والقرار هو القرار الأول والأخير لقيادة حماس، وذلك لقد قلنا إن ما لم يتمكن الاحتلال من تحقيقه بالقوة لن يتحقق على طاولة المفاوضات، لكن لا أحد يجبر حماس على اتخاذ خطوة لا تريدها. ولم تحاول قطر ولا مصر أن تفرض علينا إرادة لا تقبلها حماس.
> هناك اتهامات أميركية وإسرائيلية لحماس بالمسؤولية عن عدم تحقيق وقف إطلاق النار. كيف تردون على هذه الاتهامات؟
نحن مع وقف العدوان والحرب على غزة، لكن هذا البند غير متوفر. هل حماس أم الاحتلال هو المسؤول؟ وقف إطلاق النار وإنهاء معاناة شعبنا. نحن نرفض إطلاق سراح أسرى الاحتلال دون وقف إطلاق النار، كما ترفض حماس وقف إطلاق النار، وهذا يعني أن شرط وقف إطلاق النار أولاً، ثم الانسحاب، وبعد ذلك يبدأ هذا التبادل. وبدون اتفاق وقف إطلاق النار، لن يكون هناك اتفاق تبادل.
> هل هناك تقديرات لحماس بحجم وفيات أسرى الاحتلال منذ انهيار اتفاق يوليو الذي رفضه نتنياهو؟
– من بقي حياً أو قُتل ستكون مسؤولية كتائب القسام الإعلان عنه ولن تتوفر معلومات مجانية للطاقم عن أسراهم. كانت المعلومات جزءًا من الاتفاقية، وبالتالي إذا أراد الطاقم الحصول على معلومات حول سجنائه، فيجب عليه الالتزام بالاتفاقيات. أما النقطة الثانية، فقضية الأسرى ليست من أولويات نتنياهو، وهي بمثابة علامة له أمام المجتمع الصهيوني ووسائل الإعلام الغربية لمواصلة العدوان لأنه فشل في القضاء على المقاومة. يدرك أن نهاية الحرب ستفتح أمامه سيلاً من الأسئلة تخبره بما حققه بعد عام من القتال وأن النتيجة في تلك اللحظة ستكون صفراً.
> وماذا عن قيادة الحركة بعد استشهاد يحيى السنوار دون الكشف عن اسمه خوفا من استهدافه أم أن هناك اتفاق على قيادة الحركة من قبل مجلس رئاسي؟
– عندما تنتخب حماس رئيسا جديدا ستعلنه للرأي العام دون خوف من استهدافه، لكنها تختار الوقت المناسب وحماس ليس لديها أزمة قيادة بعد السنوار. قيادات الحركة في مواقعها ولا يوجد منصب واحد شاغر، والمؤسسات القيادية موجودة. لجنة التفاوض تقوم بعملها والقيادة في غزة تقدم مساهمتها، وكذلك القيادة في الضفة الغربية والخارج، وكذلك القيادة المحلية للقسام، وبالتالي عندما تتوفر الظروف المناسبة لانتخاب القسام. رئيس جديد، حماس تعلن ذلك.
وسبق أن أعلنت حماس عن اتصالات مع عدد من الدول من بينها مصر وقطر وتركيا وروسيا لوقف جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في شمال قطاع غزة. فهل ظهرت آلية في هذا السياق؟
لقد طالبنا المجتمع الدولي أجمع بتحمل مسؤوليته عما يحدث في شمال قطاع غزة، حيث أن عدوان الاحتلال الأخير على الشمال يهدف إلى تجويع وتهجير وقتل المدنيين، وكل ذلك يوصف بإرهاب الدولة. التعريف الدولي للإرهاب يشير إلى استخدام المدنيين لتحقيق أهداف سياسية.
ولهذا طالبنا المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته، كما طالبنا الدول العربية بتحمل مسؤوليتها، لأن الاحتلال يضع خطة جنرالاته للعقاب الجماعي للمدنيين في كل حروب العالم سمح له بالوصول إلى المدنيين، ومنعهم من ذلك جريمة حرب، ومسؤولية مكافحة جرائم الحرب تقع على عاتق الأمم المتحدة.
> هل اتفقت بعض الأطراف العربية على عدم تواجد حماس في اليوم التالي للضغط من أجل إيجاد حل في غزة والمشاركة في إعادة الإعمار؟
– لم يتحدث معنا أحد من العرب في هذا الأمر، ولا ننكر أنهم تحدثوا مع بعضهم البعض، رغم أننا نأمل ولا نتوقع أن تتدخل أمتنا بهذا الشكل، وثقتنا في أمتنا أكبر من ذلك. ومن المؤكد أن مصالحهم بهذه الطريقة لا تتعارض مع مصالح الاحتلال، وبالتالي لا يمكن أن يتوقع أن تتداخل مع مصالح الدول العربية.