العالم

158 قتيلا.. لماذا تعتبر فيضانات إسبانيا هي الأشد دموية هذا العام؟

وكشفت وكالة فرانس برس أن العواصف القوية الناجمة عن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وسوء التخطيط الحضري والإهمال كانت لها عواقب كارثية، مما جعل الفيضانات في إسبانيا هي الأكثر دموية منذ جيل، بحسب الخبراء.

وأعلنت السلطات الإسبانية في البداية أن عدد القتلى بلغ 158 شخصا، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد مع استمرار رجال الإنقاذ في البحث عن الجثث بين الأنقاض والطين.

– الطقس القاسي بشكل استثنائي

وبحسب الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية “AEMET”، شهدت مناطق منطقة شرق فالنسيا هطول أمطار غزيرة تعادل هطول الأمطار السنوي خلال ساعات قليلة. وفي بلدة تشيفا غرب مدينة فالنسيا الساحلية، تم تسجيل 491 لترا من الأمطار لكل متر مربع (49.1 سم).

وربط الخبراء هذه الأمطار بظاهرة مناخية موسمية يتدفق فيها الهواء البارد فوق مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة ليشكل سحبا مطرية كثيفة.

ويقول العلماء إن التغير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية يزيد من درجة حرارة مياه العالم ويزيد من شدة العواصف.

وقال خبير المناخ خورخي أولسينا من جامعة أليكانتي إن طقس البحر الأبيض المتوسط الدافئ والطقس الموسمي شكلا “مزيجا دراماتيكيا” يعزى إلى تغير المناخ الذي ساهم في هطول الأمطار الغزيرة.

وأوضحت أولثينا أنه عندما تصل هذه العواصف إلى هذا الحجم، فإن تأثيرها يمكن أن يكون مشابها لتأثيرات “الأعاصير” أو “الأعاصير المدارية”.

– المناطق الجافة والصناعية

وأدى جفاف التربة في المناطق الأكثر تضررا من الكارثة إلى تفاقم الكارثة بعد أن شهدت إسبانيا عامين من الجفاف الشديد على التوالي. ولم تكن الأرض قادرة على استيعاب هذه الكمية من المياه، مما أدى إلى حدوث فيضانات مفاجئة اجتاحت المناطق السكنية.

يوجد في منطقة فالنسيا العديد من المناطق التي حلت فيها الأسطح الخرسانية الصلبة محل المساحات الطبيعية، مما يزيد من خطر العواصف القوية.

ويقول بابلو أثنار من المرصد الاجتماعي والاقتصادي للفيضانات والجفاف إن هذا “التنمية الحضرية غير المنضبطة وغير الملائمة” أدى إلى تفاقم الخطر.

وأضاف أن الكثافة السكانية في منطقة فالنسيا، التي تضم ثالث أكبر مدينة في إسبانيا ويبلغ عدد سكانها حوالي 1.9 مليون نسمة، زادت من التحديات التي تواجه السلطات.

-ذروة الحركة على الطرق

وجاء توقيت العاصفة في أسوأ وقت ممكن حيث اشتدت مساء الثلاثاء الماضي حيث كان الناس في طريقهم إلى منازلهم خلال ساعة الذروة ووقع العديد من الضحايا في العاصفة أثناء خروجهم في سياراتهم أو على الطريق. وجرفت كميات كبيرة من المياه، بما في ذلك أولئك الذين كانوا يتشبثون بأعمدة الإنارة أو الأشجار.

وتعتقد هانا كلوك، أستاذة الهيدرولوجيا في جامعة ريدينغ البريطانية، أنه كان من الممكن تجنب هذه المشاهد لو تم تحذير المواطنين في الوقت المناسب بالبقاء في منازلهم.

-قلة الوعي

أصدرت AEMET تنبيهًا أحمر لمنطقة فالنسيا صباح الثلاثاء، لكن خدمة الحماية المدنية لم ترسل سوى تحذيرات هاتفية تنصح الناس بمغادرة منازلهم بعد الساعة الثامنة مساءً. مما يدل على عدم فهمهم لحالات الطوارئ.

ويقول أثنار إن هناك “ثغرات في التواصل”، لكنه يعتقد أن المسؤولية مشتركة بسبب الافتقار إلى “ثقافة المخاطرة” في إسبانيا. وأضاف: “عقلية المجتمع لم تتكيف بشكل كافٍ مع الأحداث المناخية القاسية الجديدة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى