فن وثقافة

“من بين الأدخنة أخرج مهندسين”.. قصة بائع سمك مشوى كسب محبة أهالي الزقازيق -صور

في زاوية نائية من أحد شوارع مدينة الزقازيق، حيث تعكر صفو أصوات الباعة الجائلين صخب الحياة اليومية، وقف رجل بسيط، في الستين من عمره تقريبا، خلف سحابة من الدخان، يشوي قطع السمك. وكانت كل قطعة تحمل ذكريات وقصصًا عن الحياة. وكأنها تحتفل بانتصار الإرادة على الظروف. إنه ليس مجرد طاهٍ للأسماك، ولكنه صانع الأمل بكل قطعة يشويها، فهو يبني مستقبلًا لعائلته.

بعد تخرجه من معهد الكفاءة الإنتاجية بجامعة الزقازيق منذ 40 عاما، لم ينتظر “العم حسن محمد” الفرص التي قدمت له على طبق من ذهب وقرر أن يصنع مستقبله بيديه وببداية متواضعة بوزن لا يزيد عن 200 طن. جنيها مصريا، فشرع في رحلة طويلة من النضال من أجل تأمين مستقبل عائلته. وتغلب على كل الصعوبات، وبعد دراسة متأنية، قرر أن يحول فكرته إلى واقع بأقل تكلفة وأن يبني فرناً بسيطاً، فأقام زاوية صغيرة في الشارع. البداية كانت صعبة، لكنه كان مصمماً على النجاح وبفضل مثابرته وعمله، أصبحت هذه الزاوية الصغيرة مصدر دعم لعائلته واليوم هو أب لأربعة أطفال كأطفال ناجحين وهو فخور بإنجازاته ويؤكد أن المثابرة والإصرار هما مفتاح النجاح.

ويتذكر “عم حسن” أول يوم له في وظيفته الجديدة بابتسامة عريضة، قائلا لايجي برس: “كان في جيبي أقل من مائتي جنيه، لكن قلبي كان مليئا بالأمل.. اشتريت سمكا، طبخته”. فرن بسيط وبدأ العمل. كنت متوترة، لكن زوجتي هدأتني وقالت لي: “لا تخف يا حسن، رزقنا مضمون”. “ابدأ بسم الله وسترى البركة في عملك”. عالياً، أخذ نفساً عميقاً وشوى السمكة الأولى. انتشرت رائحة السمك المشوي اللذيذة في الهواء وبدأ الناس والحمد لله تم بيع جميع الأسماك في نفس اليوم وأحسست أن الله يبارك لي. “كل ابتسامة على وجه العميل وكل كلمة شكر تقوي ثقتي بنفسي وبقراري”.

ويواصل حديثه ويقول: “في البداية كان كيلو السمك لا يزن أكثر من رطل، وكانت الحياة سهلة وسعيدة، بعت الكثير، والناس أحبوا طعامي، ورأيت في كل جنيه “أنا أستحق هي فرصة لإعطاء أطفالي مستقبلًا أفضل، والحمد لله أن اثنين منهم حاصلان على درجة البكالوريوس في الهندسة، وابني الثالث يدرس اللغة الإنجليزية وسيتخرج من كلية قمة مثل أخواتها.”

لم تكن رحلة العم حسن مليئة بالتحديات، من ارتفاع أسعار الأسماك إلى المنافسة القوية من المطاعم الكبيرة. إلا أنه بفضل إصراره وإصراره استطاع أن يتغلب على كل هذه الصعوبات.

وعن علاقته بوالديه، يقول بائع السمك المشوي بحنان: “نشأت في أسرة محبة، فتعلمت من والدي وأمي معنى الحب والعطاء، وهو ما زرعته بالتأكيد في قلبي عندما كنت صغيراً”. عندما كنت أصغر سناً، رأيت صورة مصغرة لنفسي وحاولت جاهدة أن أقدم لهم كل ما أحتاجه لأكون سعيدًا ومستقرًا.

وقف «العم حسن» أمام الشواية، يقلب سمكة بلطي ويحدّق في النيران. ثم قال: “لقد عملت في الشوارع لمدة أربعين عامًا، وفي تلك الفترة تعلمت الكثير عن الحياة والناس”. لقد علمني التعامل مع أشخاص مختلفين في مجموعة متنوعة من الظروف الكثير عن الصبر والدبلوماسية. ووجدت أن كلمة الطيبة والوجه المبتسم هما مفتاح التعامل مع الناس، وهما درس تعلمته من والدي وأقدره كثيراً”.

ومن المضحك أن علاقته بالعملاء تطورت إلى ما هو أبعد من مجرد علاقة عمل. وبابتسامته الدائمة وكلماته الطيبة، استطاع أن يكسب قلوب الكثيرين، وأصبح بعضهم أصدقاء مقربين لا يزالون يلتقون به بانتظام حتى بعد سنوات عديدة، وعندما يعود بعض العملاء من رحلتهم، يتوقون لزيارته يتذكرهم بالحب، ويشعر أن “العم حسن” يسعد كثيراً عندما يتذكر هذه اللحظات، مؤكداً أن هذه العلاقات الإنسانية هي أغلى ما يملك.

في شبابه، كان العم حسن يعمل بلا كلل من الصباح إلى الليل، يكدح ليلا ونهارا لإعالة أسرته. ومع تقدمه في السن، قلص ساعات عمله وبدأ أطفاله في تقاسم المسؤوليات معه. وأضاف: “حلمت بافتتاح محل صغير، لكني أدركت أن السعادة الحقيقية تكمن في الرضا بما لديك، لذلك لم أغير شيئاً في عملي البسيط، أشعر بسعادة كبيرة عندما أرى البسمة على وجوه العملاء”. ” وجوه وأنا أعتبرهم جزءا من عائلتي. ورغم ارتفاع الأسعار إلا أنني راضٍ تماماً عما حققته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى