العرب

“إسرائيل والحوثيون”.. هل بلغ الصدام مرحلة الانفجار؟

وفي الرد الأخير لإسرائيل على هجمات الحوثيين المستمرة على تل أبيب، وسعت إسرائيل هجماتها لتشمل محافظة الحديدة في غرب اليمن، حيث ورد أن هناك مواقع ومنشآت يستخدمها مسلحو الحركة المتحالفة مع إيران لأغراض عسكرية.

وشملت المواقع المستهدفة الجديدة “محطتي الكهرباء الحالية ورأس كتنيب وخزانات النفط في ميناء رأس عيسى والمناطق القريبة من ميناء الحديدة”، بحسب وكالة سبأ التابعة للحوثيين.

وقدرت الخسائر الأولية في الأرواح بخمسة أشخاص ونحو 44 جريحا، فيما لم تكشف مصادر الحوثيين عن الخسائر المادية التي يعتقد أنها ببضعة ملايين من الدولارات، أسوة بالهجمات السابقة.

وشاركت في تنفيذ هذه الهجمات عشرات الطائرات المقاتلة، فيما حرصت السلطات الإسرائيلية على نشر مقاطع فيديو لحظة إقلاع هذه الطائرات المقاتلة من إحدى قواعدها الجوية.

ويبدو أن نشر هذه الصور، إلى جانب مشاهد الحرائق الهائلة التي نتجت عن غاراتهم، هو عمل متعمد ومتعمد من أعمال الحرب النفسية، ويبعث برسالة للحوثيين مفادها أن عليهم أن يتخيلوا إمكانية إعادة تلك المشاهد نفسها. تحدث في مناطق أخرى في عمق المنطقة الجغرافية التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال غرب اليمن. في الواقع، يمكن أن يصبح هذا الأمر أكثر انتشارًا وتدميرًا وإضرارًا بقدرات الحوثيين أنفسهم.

ومع ذلك، وبالنظر إلى المعلومات الاستخباراتية التي حصل عليها الحوثيون من الهجوم الإسرائيلي السابق على الحديدة في يوليو/تموز الماضي، فربما تمكنوا من تخزين كميات احتياطية من الوقود في مناطق أخرى غير مستودعات النفط وغيرها من المنشآت التي تعرضت للهجوم بعد ظهر يوم الأحد في ميناء رأس عيسى النفطي. وكانت الميناء الرئيسي لتصدير النفط المنتج في حقول النفط بمحافظة مأرب شمال شرق البلاد.

وباستثناء الأضرار التي لحقت بمستودعات النفط في ميناء رأس عيسى، فمن المؤكد أن المواقع الأخرى التي اختارتها إسرائيل للقصف، مثل مطار الحديدة، الذي كان بالفعل خارج الخدمة قبل اندلاع الحرب الإرهابية في اليمن. ولن يكون لمحطتي كهرباء الحالي ورأس قطنيب تأثير كبير على الاقتصاد. إن الحرب التي يشنها الحوثيون ليست نتيجة مباشرة لمجهودهم الحربي.

ومع ذلك، وفقًا للتقارير الواردة من الحديدة وغيرها من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، فمن الواضح أن الهجمات الأخيرة على احتياطيات النفط ستضاعف معاناة السكان والحياة اليومية العامة، مما يؤدي إلى أزمة وقود حادة وزيادة حادة في الطلب على النفط. المشتقات المالية وزيادة أسعارها، الأمر الذي سيثقل كاهل مواطني البلد الذي تمزقه الحرب منذ عقد من الزمن.

والسؤال الأساسي هنا يتعلق بمستويات التصعيد المحتملة إذا استمرت ردود أفعال إسرائيل والقوى الغربية على هجمات الحوثيين على إسرائيل وعلى خطوط الشحن الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن أكثر عنفاً.

ونظراً للتصريحات الإسرائيلية، فمن المرجح جداً أن تقوم تل أبيب بالرد المباشر والفوري على أي هجوم للحوثيين على إسرائيل، على الأقل في المستقبل المنظور، مع احتمال أن يبقى باب الحساب معهم مفتوحاً للخطط والمراحل المستقبلية. .

أما فيما يتعلق بهجمات الحوثيين على خطوط الملاحة البحرية، فقد عبر عن الموقف الأمريكي من هذه القضية أكثر من مسؤول عسكري وسياسي في واشنطن، قائلاً: “الولايات المتحدة ستزيد من تواجد قواتها العسكرية في المنطقة وسترد عليها”. “كل هجوم حوثي عنيف”.

1 (1)

بيان الربح والخسارة

على جانبي الصراع الداخلي في اليمن، يرفض غالبية السكان أي هجوم إسرائيلي أو أمريكي بريطاني على أراضي بلادهم ويعتقدون أن أي منشأة مدنية مهمة تتعرض للهجوم ستضر بهم بشكل مباشر وليس الحوثيين، فالمنشآت تابعة لليمن بالكامل وليس الحوثيين، حتى لو كانوا يحاولون استخدامها لمصالحهم العسكرية وأغراضهم المتعلقة بما يسمى (محور المقاومة) المدعوم من إيران.

في الوقت نفسه، تؤكد عدة أطراف سياسية يمنية أن إدانتها للهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية المدنية في الحديدة لا تعني نهاية حربها وصراعها العسكري والسياسي مع الحوثيين.

وفي حين تشكك جهات أخرى في جدوى هجمات الحوثيين والرد الإسرائيلي عليها، فإن “هجمات الحوثيين لا يمكن أن توقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، كما أن ردود إسرائيل لا يمكن أن تشكل أي ضرر للحوثيين”، حسبما ذكر البيان لهذه الأوساط.

يُشار إلى أن ميناء رأس عيسى هو أحد ثلاثة موانئ في محافظة الحديدة، والتي تضم أيضًا الميناء التجاري لعاصمة المحافظة بالإضافة إلى ميناء الصليف التجاري، اللذين سبق لهما أن تعرضا لهجوم خطير أودى بحياة وسقطت قتلى وجرحى في صفوف بعض المقاتلين الحوثيين الذين يحرسون الميناءين، إضافة إلى خسائر مادية تقدر بأكثر من 5 ملايين دولار.

وفي هذا السياق، يُشار إلى أن القادة الغربيين والإسرائيليين في حيرة شديدة بشأن كيفية التعامل مع هجمات الحوثيين، خاصة القادمة من دولة تعاني انقسامات سياسية واجتماعية عميقة، وأن أي عمل عسكري أكثر فعالية ضدهم يمكن أن يظهر أمام جماعة الحوثي. ب- عقاب جماعي لجميع اليمنيين، بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون في اليمن أم لا في المناطق الخاضعة لحكم هذه الجماعة المسلحة، الأمر الذي من شأنه تعريض فرص التوصل إلى حل سياسي سلمي للصراع المزمن في هذا البلد للخطر.

إن طبيعة اليمن تقف إلى جانب الحوثيين

ويؤكد الأمريكيون والبريطانيون أن ردهم على هجمات الحوثيين اقتصر على قصف منصات ومواقع إطلاق الصواريخ واعتراض بعضها، بهدف فقط إضعاف قدرة الحوثيين على إطلاق المزيد منها، وتقليل عدد هجماتهم، بحسب ويرى البعض منهم مدى تأثير الهجمات الأمريكية والبريطانية على القدرات العسكرية للحوثيين.

ولا يمكن معرفة القدرات العسكرية الفعلية التي يمتلكها الحوثيون حاليا على وجه الدقة، إذ يبدو أن الطبيعة الطبوغرافية لليمن تقع في صالح الحوثيين، حيث تمثل الكهوف الجبلية شمال البلاد تحصينات طبيعية للإخفاء والتمويه. وإخفاء الأسلحة الثقيلة والذخائر، بما في ذلك ورش إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة.

وأدانت الحكومة الحالية المعترف بها دوليا الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على الحديدة، محملة إسرائيل في بيان لها “كل تأثيرات غاراتها الجوية الجديدة، بما في ذلك تفاقم الأزمة الإنسانية التي تفاقمت بسبب هجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية والدولية”. خطوط الشحن التي يدعمها النظام الإيراني”.

ومع ذلك، نفت إيران دائمًا أن تكون وراء جميع حروب الحوثيين في الداخل والخارج، وعلى الرغم من وجود أدلة كثيرة على أنها تعمل جنبًا إلى جنب مع حزب الله اللبناني في بناء الترسانة الصاروخية لجماعة الحوثي وتوسيع مخزونها من الطائرات بدون طيار وشاركت في تطوير وصناعتها العسكرية، رد الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان على سؤال حول هجمات الحوثيين في مقابلة صحفية أجريت مؤخرا في نيويورك بالقول إنهم “لا يستمعون إلينا”.

لكن الزيارات المكوكية المتعددة لبعض قيادات وممثلي حركة الحوثي إلى طهران وبغداد ودمشق وبيروت تؤكد، كما تقول قاعة الجماعة، أنهم جزء مما يسمونه “محور المقاومة” وطرف مهم في حركته. “غرفة العمليات”.

ويعتقد العديد من اليمنيين، حتى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أن الهجمات التي شنوها، سواء على إسرائيل أو في البحر الأحمر أو في خليج عدن على السفن والناقلات التي يُزعم أنها مرتبطة بإسرائيل، “لا تفشل”. في سياق الدفاع عن التضامن مع الفلسطينيين أو اللبنانيين، ولا تدخل في سياق الدفاع عن التضامن مع الفلسطينيين أو اللبنانيين بقدر ما يمثلون «خدمة» لإيران واستراتيجيتها في المواجهة مع إسرائيل والغرب. فضلا عن أن هذه الهجمات، كما يقول المراقبون، “غالبا ما يكون لها تأثير سلبي على اليمن بأكمله وحتى على الدول المجاورة بسبب تراجع حركة الشحن الدولية وارتفاع تكاليف النقل وتأمين السفن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى