“صيدنايا”.. مسلخ الأسد يفتح أبوابه
لا تزال الفظائع التي ارتكبها النظام السوري المختفي قيد الضوء. وأظهرت مقاطع مصورة، مجموعات مسلحة تقتحم السجون، وتطلق سراح النساء والأطفال المحتجزين في سجن صيدنايا.
وأعلنت المجموعات المسلحة، مساء أمس السبت، سيطرتها على سجن صيدنايا، أو ما يسمى بـ”المسلخ البشري”. بسبب الانتهاكات والتعذيب الذي تعرض له السجناء في السنوات الأخيرة.
في هذه الأثناء، تجمع في السجن نحو 10 آلاف شخص للبحث عن ذويهم، بحسب ما قال مؤسس رابطة النزلاء والمفقودين في سجن صيدنايا، دياب سارية، لموقع الحرة الأميركي.
شهادة السجين.
كان في سجن صيدنايا
شيء يبكيك.. شيء يحرق القلب #سجن_صيدنايا pic.twitter.com/SKhO5yZ5Lo-دكتور. سهام سوقي (@Seham_Ita) 8 ديسمبر 2024
وينقسم السجن إلى قسمين، بحسب نزلاء سابقين: “قسم أبيض” يختص بإيواء مرتكبي الجرائم العادية، وقسم آخر “أحمر” أكثر تعقيدا ويتطلب الوصول إلى رموز وأكواد لفتح أبوابه المعروفة. فقط للجنود والضباط الذين فروا عندما دخلت الجماعات المسلحة سجن صيدنايا. مما جعل من المستحيل اقتحام هذا القسم، ولهذا طلب الدفاع المدني المساعدة في فتح أبوابه.
يا الله لك الحمد …
مجموعة من السجناء غادروا المنطقة الحمراء في سجن صيدنايا العسكري بعد فتح ممر إلى الطوابق السفلية للسجن pic.twitter.com/8UpF6hIcOI
– عمر مدنية (@Omar_Madaniah) 8 ديسمبر 2024
صيدنايا.. تاريخ أسود من الانتهاكات
وفي تشرين الأول 2022، نشرت رابطة “السجناء والمفقودين في سجن صيدنايا” السورية تقريراً خلصت إلى ثبوت تورط “مشفى تشرين العسكري” في إصدار شهادات وفاة للسجناء المحتجزين في “سجن صيدنايا”. وتم إعدام القضاء الموالي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد عند إصدار أحكام الإعدام.
واستند التقرير، الذي استغرق إعداده عاماً، إلى شهادات أشخاص عملوا في السجن، وكذلك مسؤولين انشقوا عن نظام الأسد وكانوا من بين القوات المكلفة بحماية وتأمين السجن. السجناء السابقين الذين اعتقلوا في أوقات مختلفة.
في الأجزاء الأولى من التقرير، عاين المؤلفون الحراس الموجودين في محيط سجن صيدنايا، والجهات المسؤولة عنه، ومواقعهم، وحقلي الألغام، إضافة إلى الحراسة الداخلية للسجن، والتي تتوزع بين جدرانه الخارجية والداخلية وبوابات السجن. المبنى فيه.
ويسلط التقرير الضوء على ثلاث مراحل لحراسة السجن، الأولى منها مسؤولة عن حماية السجن من الخراجات وصد أي اعتداءات من الخارج، وكذلك منع أي هروب للسجناء داخله، فيما تتناول المرحلة الثانية دعم السجناء. المعنية أولا.
أما المرحلة الثالثة للحراسة فتشمل حماية مباني السجن الداخلية ومراقبة السجناء وسلوكهم داخل الزنازين.
ويمكن أن يختلف نوع الحماية في كل مرحلة حسب الجهة العسكرية المسؤولة عنها وتتكون من ثلاث هيئات: (الجيش، المخابرات العسكرية، الشرطة العسكرية).
وفي الجزء الثاني من التقرير، أوضحت الجمعية عمل مكاتب صيدنايا، ومن بينها تلك المسؤولة عن تزويد السجن بالطعام والماء وحتى الكهرباء، وكذلك تلك التي تختص بالرعاية الصحية والمشتريات.
ثم تناول التقرير ارتباطات السجن ببقية المؤسسات الأمنية السورية وأجهزة النظام، بما في ذلك ما يتعلق بالتبعية الإدارية الرسمية، فضلاً عن العلاقات الشخصية ومدى قربه من مراكز السلطة في النظام السوري.
الموقع
بني السجن على تلة في بداية سهل بلدة صيدنايا الجبلية، 30 كيلومتراً شمال دمشق، ويتكون من مبنيين، أقدمهما يعرف باسم “القسم الأحمر” والآخر يعرف باسم “القسم الأحمر”. “القسم الأبيض”.
ويختلف سجن صيدنايا الذي تبلغ مساحته 1.4 كيلومتر مربع عن السجون الأخرى من حيث التبعية والقوانين التنظيمية، حيث أنه يتبع مباشرة لوزارة الدفاع السورية وليس لوزارة العدل أي سلطة أو وصاية، لذلك حتى أن منظمة العفو الدولية وصفته بـ”المسلخ البشري” و”السجن الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بصمت”.
وجاء في تقرير رابطة “السجناء والمفقودين في سجن صيدنايا” أنه لا يجوز لأي شخص الدخول إلى السجن دون إذن الشرطة العسكرية أو زيارة أحد السجناء، بعد الحصول مسبقاً على إذن من المخابرات العسكرية.
وأشارت الجمعية إلى أن السجن يعمل تحت هيئتين قضائيتين منفصلتين: “جهاز القضاء العسكري”، المسؤول عن النظر في الجنح أو الجرائم الجنائية التي يرتكبها العسكريون، و”المحكمة الميدانية العسكرية”.
منذ تأسيسه عام 1987، يدير السجن عشرة مدراء مختلفين، جميعهم من قرى محافظتي طرطوس واللاذقية غربي سوريا.
تصنيف السجناء
ويصنف مسؤولو السجن نزلاء صيدنايا إلى فئتين: الفئة الأولى تشمل السجناء الأمنيين المدنيين والعسكريين على أساس آرائهم وأنشطتهم السياسية، أو انتمائهم إلى منظمات إرهابية، أو ارتكابهم أعمالاً إرهابية.
وتشمل الفئة الثانية أولئك الذين أدينوا قضائياً كأفراد عسكريين لارتكابهم جنح أو جرائم مثل الفرار من الخدمة العسكرية والقتل.
وأوضح تقرير الرابطة أن هذا التصنيف يؤدي إلى معاملة متباينة، مشيراً إلى أن المعتقلين الأمنيين يتعرضون للتعذيب الممنهج والحرمان من الرعاية الصحية والغذاء، بينما يتعرض المعتقلون القضائيون لتعذيب غير ممنهج ويحرمون عادة من الزيارات المنتظمة والطعام والرعاية الصحية المقبولة. .
وبما أن النظام السوري كان ينظر إلى المعتقلين في صيدنايا على أنهم “خونة وعملاء”، فقد حُرموا في كثير من الأحيان من كافة الاعتبارات الإنسانية والإنسانية، وخضعوا للتصاريح.
وخلال الفترة ما بين 2011 و2015، تدهورت أوضاع السجن بشكل كبير وانخفض عدد السجناء فيه بسبب عمليات التصفية والإعدامات. وذكر تقرير الجمعية أن السلطات أعدمت على مدى 10 سنوات ما بين 30 ألفاً و35 ألف سجين بشكل مباشر أو نتيجة التعذيب أو نتيجة نقص الرعاية الصحية والغذاء.
وجرت العادة في صيدنايا أن تتم عمليات الإعدام يومين في الأسبوع، ولا يتم إبلاغ السجناء بقرار الإعدام، بل يتم نقلهم في المساء لتنفيذ الحكم في نفس اليوم أو في اليوم التالي. فوق الربط.
وأشار التقرير إلى غرفتين بهما منصات إعدام، إحداهما في “المنطقة البيضاء” والأخرى في “المنطقة الحمراء”، وأوضح أن الإعدام تم تنفيذه شنقاً.
وذكر تقرير الجمعية أنه بعد إعدام السجناء، تقوم سلطات السجن بنقل الجثث تباعا بحيث يتم دفن أكبر عدد من الأشخاص الذين تم إعدامهم في مقابر جماعية أولا.
وعادة ما تتولى دائرة الخدمات الطبية في مشفى تشرين العسكري نقل الجثث لتخزينها في منطقة قطنا عند تقاطع الفرقة العاشرة مع الحرس الجمهوري، أو في منطقة نجها جنوب دمشق، أو في منطقة القطيفة. منطقة الدفن غرب حقل. “الرامي” من الفرقة الثالثة المكلفة بحماية السجن.
وسلط التقرير الضوء على طريقتين للتعامل مع الجثث، حيث يتم نقل الجثث إلى المقابر المذكورة باستخدام مركبات عسكرية تسمى “شاحنات اللحوم” أو سيارات “البيك اب” أثناء إعدام السجناء.
أما الطريقة الثانية فتتعلق بالجثث الناتجة عن تعذيب السجناء أو نقص الغذاء والرعاية الصحية، حيث يتم جمعها في السجن ودفنها لمدة يومين في “غرف الملح” المنشأة عام 2011.
وفي نهاية اليومين، سيتم نقل الجثث بسيارات نقل الأسرى من غرف الملح إلى مشفى تشرين العسكري لفحصها وإصدار شهادة الوفاة قبل تسليمها إلى قسم سجون الشرطة العسكرية.
وجاء في تقرير الرابطة السورية أنه بعد إصدار شهادات الوفاة، تم نقل هذه الجثث إلى مناطق القطيفة أو قطنا أو نجها لدفنها في الساعات الأولى من الصباح.
منذ عام 2011، تم إعدام آلاف الأشخاص في صيدنايا دون محاكمة من خلال عمليات شنق جماعية ليلاً وفي سرية تامة، في حين قُتل العديد من السجناء الآخرين بسبب التعذيب المتكرر والحرمان من الرعاية الصحية والغذاء.
وتقدر الجمعية أن ما يقرب من 30 ألف شخص تم إدخالهم إلى سجن صيدنايا منذ بدء النزاع في عام 2011. وتم إطلاق سراح 6000 منهم فقط، بينما لا يزال الآخرون في عداد المفقودين. ومن النادر أن تبلغ السلطات أهاليهم بوفاة أبنائهم، ولا يستلمون حتى جثثهم حتى لو حصلوا على شهادات الوفاة.