“عين زيادة” في واحات باريس.. مستوطنة رومانية في قلب صحراء مصر الغربية – صور
تعتبر عين زيادة من أهم المواقع الأثرية في قلب الصحراء الغربية، وبالتحديد في وسط مدينة باريس في محافظة الوادي الجديد.
ويحتفظ الموقع، الذي يقع على بعد 3.5 كيلومتر تقريبًا شرق قصر دوش في واحات باريس، بموقعه التاريخي رغم التغيرات التي طرأت عليه مع مرور الوقت.
وعلى الرغم من اختفاء موقع عين زيادة الأصلي، إلا أن بقايا المستوطنة القديمة لا تزال مرئية، حيث يمكن للزوار رؤية العديد من المعالم الأثرية من العصر الروماني.
عين زيادة
وتقع عين زيادة على تلة لا تزال فيها بقايا الآبار والآبار القديمة وكذلك الشجيرات وأشجار النخيل شاهدة على تاريخ هذا المكان المهم.
ومع ذلك، فإن الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في هذا المكان هو التلال الصغيرة التي توجد عليها بقايا آثار من الطوب اللبن، مما يعطي انطباعًا واضحًا عن الطراز المعماري في ذلك الوقت.
كما توجد أيضًا بقايا قرية رومانية قديمة تشهد على النشاط الحضري والحرفي الذي شهدته المنطقة خلال العصر الروماني.
وأكد الخبير الأثري بهجت أبو سديرة، مدير الآثار المصرية الأسبق بالوادي الجديد، أن من أبرز الزيارات للمنطقة هي زيارة المستكشف الفرنسي جان جاسكو في 16 مارس 1978، حيث ذكر في تقريره أن الموقع يحتوي على العديد من البقايا التاريخية التي يمكن استخدامها للتعرف على فترة الاستيطان الروماني في المنطقة، وبحسب جاسكو، يحتوي الموقع على العديد من القطع الأثرية، بما في ذلك شظايا من الأواني الخزفية والزجاجية والأدوات. بقايا الصوان والعظام. مما يشير إلى أن المستوطنة كانت تستخدم لأغراض تجارية وحرفية، وليس لأغراض دينية أو عسكرية.
مبنى روماني
وقال عالم الآثار محمد إبراهيم، مدير الآثار المصرية بالوادي الجديد حاليا، إن من أهم المعالم الأثرية التي لا تزال قائمة بالموقع، المبنى الروماني الواقع على تلة صغيرة شمال عين زيادة. ويتميز هذا المبنى بموقعه الاستراتيجي حيث يرتفع عن سطح الأرض حوالي 1.5 متر. يصل طول المبنى إلى 15 مترًا وعرضه 4 أمتار. يعود تاريخ بنائه إلى العصر الروماني، مما يجعله من أكثر المباني المميزة في المنطقة.
وأضاف محمد أن المبنى تم تشييده باستخدام الطوب الجاف وتم تثبيت أجزاء مختلفة من الجدران باستخدام الملاط الطيني. تتميز الجدران الداخلية للمبنى باللون الأبيض، مما يضيف بعدًا جماليًا للتصميم البسيط والقوي. يتكون المبنى من أربع غرف، منها غرفة كبيرة في الجهة الغربية، أما في الجهة الشرقية فتوجد غرفتان متوازيتان، بالإضافة إلى غرفة لاحقة تمتد على كامل عرض المبنى، وهي ذات تصميم معماري فريد بسقف أسطواني التي تلبي متطلبات البيئة الصحراوية.
الأنشطة التجارية:
وأشار مدير الآثار المصرية بالمحافظة، إلى أن تحليل القطع الأثرية المكتشفة في عين زيادة يمكن أن يؤدي إلى استنتاج أن الموقع كان يستخدم بشكل رئيسي لأغراض تجارية وزراعية. لا توجد آثار واضحة للاستخدام الديني أو العسكري، مما يدعم الفرضية القائلة بأن المستوطنة كانت تتمتع باقتصاد نشط، ويشير السيراميك والأواني الزجاجية إلى استخدام المكان كمنطقة حرفية وصناعية، حيث تم استخدام المواد الخام المحلية مثل الصوان والطين تم استخدام الأدوات المختلفة التي تم استخدامها في الحياة اليومية.
وأوضح أن عين زيادة كانت مثالا نادرا لكيفية تطور الحياة في المناطق النائية من الإمبراطورية الرومانية، حيث تم استخدام الموارد الطبيعية بشكل فعال لدعم الأنشطة الاقتصادية. ويمكن اعتبار هذه المستوطنة بمثابة تقاطع مهم لربط طرق التجارة القديمة عبر الصحراء الغربية وتشكل حلقة وصل بين المدن والقرى الأخرى في المنطقة.
أهمية الموقع
وقال محسن عبد المنعم، مدير الهيئة العامة لترويج السياحة بالوادي الجديد، إنه على الرغم من تآكل معظم آثار عين زيادة مع مرور الوقت، إلا أن البقايا لا تزال لها قيمة تاريخية كبيرة حتى اليوم، وتعتبر مقصدًا سياحيًا وأثريًا لمن يقصدها. مهتم بتاريخ مصر والحضارات السائدة في الصحراء الغربية. بالإضافة إلى ذلك، يعد الموقع بمثابة مرجع مهم للباحثين في مجال الآثار القديمة، حيث يتيح لهم فرصة دراسة الفن المعماري الروماني المستخدم في تشييد مثل هذه المباني في المناطق الصحراوية.
وقال محسن إن هذا الموقع يساهم في فهم تطور الحياة في الصحراء الغربية ويعكس قدرة الإنسان الروماني على الاستقرار في الظروف البيئية الصعبة وكيف تكيف مع البيئة الصحراوية من خلال بناء مستوطنات صغيرة ذات طابع معماري خاص.