الاستثمار في الذهب الكسر.. كيف يتغلب المصريون على ارتفاع المصنعية؟
وفي شارع الصاغة، الذي يعتبر أكبر تجمع لمحلات الذهب في منطقة المعز، كانت المحلات شبه خالية وسط صيحات تجار الذهب التي عمت الجموع: “عندك ذهب قديم تريد بيعه؟” ولجذب انتباه المارة بعد شراء الذهب الخالص، أصبح الشارع مقصداً لقلة من العملاء، الذين يرغب معظمهم في الاستثمار في الذهب الأصفر بعد ارتفاع سعره.
والذهب المكسور هو الذهب المستعمل الذي يعاد بيعه للمشترين، مضافاً إليه سعر تصنيع رمزي لا يزيد عن 50 جنيهاً وهامش ربح محدود للتاجر يبلغ نحو 8 جنيهات للجرام.
وفي أحد محلات الذهب المعروفة بشراء الذهب المكسور، التقى ايجي برس بسيدتين كانتا تبيعان ذهبهما القديم، ولكن لغرضين مختلفين. الأولى كانت إخلاص محمد، امرأة أربعينية، باعت آخر قطعة ذهب لديها، خاتم زواجها العزيز على قلبها، حتى تتمكن من دفع الرسوم المدرسية لابنها. وقالت إن الظروف المعيشية أصبحت صعبة ولم يتمكن زوجها من تحمل ذلك بمفرده، فقررت مساعدته.
واختارت إخلاص بيع ذهبها إلى أحد محلات الذهب الجزئية لأنهم يشترون الجرام بسعر تصنيع بسيط يتراوح بين 10 و15 جنيها للجرام، على عكس محلات الذهب التي تشتري الذهب وتخصم منه سعر التصنيع كاملا. وأوضحت أنها باعت أكثر من قطعة من ذهبها في أوقات مختلفة عندما تعرضت هي وزوجها لصعوبات مالية.
أما أميرة رجب، فتاة في أوائل العشرينيات من عمرها، فقد باعت قطعة من ذهبها بغرض الترميم. وأوضحت أنها اشترت خاتما بسيطا من شبكتها عندما تزوجت، لكن مع مرور الوقت شعرت بالرغبة في تغييره، فباعت الخاتم بمبلغ 7 آلاف جنيه مصري ثم اشترت خاتما مستعملا “مكسورا” بعد أن حصلت على الخاتم. وقد تم دفع الفرق بينهما.
وأضافت أميرة أنها لم تندم على شرائها مستعملة حيث دفعت 50 جنية مصري لسعر المصنع للجرام بينما وصل سعر المصنع الجديد إلى حوالي 150 جنية مصري أو أكثر.
وقالت إنها ستكرر هذه التجربة كلما رأت أشكالا في الذهب المكسور الذي تعجبها، حيث ينظر إليه على أنه مجوهرات وكنز للاستثمار فيه.
الذهب المكسور هو عبارة عن مجوهرات ذهبية تم استخدامها من قبل، وتختلف الآراء حول إمكانية إضافة معالجة إضافية إليه عند إعادة بيعه. يقول أحمد سمير، أحد تجار الذهب العطري في قطاع الصياغة، إن الذهب المكسور لا يحتوي على أي إضافة معالجة، وهذا ما يجعله مختلفا عن الذهب الجديد. وأشار إلى أن التجار غالبا ما يشترون الذهب المكسور لتحويله إلى سبائك، حيث يتم صهره وتعديله في المصانع لإعادته إلى شكله الجديد.
وأضاف سمير أن البعض يشتري الذهب المكسور لأغراض الاستثمار لأنه أرخص مقارنة بالذهب البكر، فيما يشتريه آخرون لاستخدامه في مجوهرات الزينة. أبرزها أن حركة البيع والشراء ضعيفة حاليا بسبب ارتفاع الأسعار، مما يدفع البعض إلى شراء الذهب المستعمل.
وأوضح سمير أن الذهب المكسور قد يكون به عيوب أو يكون بحالة جيدة، لكن قيمته في كل الأحوال تبقى سليمة.
ويرى أحمد الحنبلي، أحد تجار الذهب في منطقة الصياغة، أنه لا حرج في كسر الذهب، ولكن من الصعب إعادة بيعه للعملاء، إلا في حالات قليلة، مثل: يشتري العميل الذهب اليوم. وعليه بيعه بعد فترة قصيرة حتى يكون الذهب بحالة جيدة ويمكن بيعه مرة أخرى.
وأوضح الحنبلي، أن أسعار الذهب المكسور هي نفس أسعار الذهب الجديد وتختلف فقط في سعر المعالجة، وأن نسبة ربح التاجر 8 جنيهات للجرام، وهي نسبة قليلة.
وأوضح الحنبلي أن ربح تاجر الذهب المكسور يزداد عندما يشتري الذهب من العملاء لأنه يعيده إلى المصانع ليتم صهره وتحويله إلى قطع جديدة يتم بيعها مع إضافة سعر التصنيع.
وأشار الحنبلي إلى أن حركة البيع والشراء في الفترة الحالية ضعيفة وأن السوق تشهد ارتفاعا في معدلات البيع والشراء في بعض المواسم مثل نهاية شهر رمضان والأعياد.
وأوضح محمد الإسكندراني، أحد تجار الذهب، أنه من الممكن إعادة بيع الذهب المكسور، لكن بشرط أن يكون بحالة جيدة ويوجد أشخاص يشترون الذهب المكسور لأغراض الاستثمار أو الزينة. وينصح الإسكندراني المواطنين بشراء الذهب المكسور بغرض الاستثمار أو الادخار لأن سعر معالجته منخفض.
ويقول نجيب نجيب الأمين العام السابق لدائرة الذهب إن السوق حاليا في حالة ركود ويعزو ذلك إلى الارتفاع الملحوظ في أسعار الذهب وأن المواطنين ليس لديهم سيولة كافية لشراء الذهب.
وأوصى المواطنين بشراء الذهب إذا توفرت لديهم سيولة كافية، مضيفا أن كل من لديه مبلغ كبير عليه شراء سبائك الذهب والجنيه.
وأشار نجيب إلى أن الذهب الجزئي هو الخيار الأمثل لمن لديهم سيولة قليلة ويرغبون في الاستثمار لأنه سهل المعالجة وقيمة الذهب البكر واحدة.
قال وصفي أمين واصف، مستشار إدارة الذهب باتحاد الصناعات، إن الذهب له قيمة عالية وسعره لا ينخفض مع مرور الوقت ويحتفظ المواطنون بأموالهم بشرائه حفاظا على مدخراتهم.
وفي حديثه عن حركة البيع الأخيرة، قال وصفي إنه في السنوات الثلاث الأخيرة كان كل من يملك الذهب يضطر إلى بيعه حتى يتمكن المال من مساعدته وأسرته في تلبية احتياجاته واحتياجات أسرته في الفترة الحالية، على حد وصفه. كضعيف.